القولون العصبي والاوهام ما هي العلاقة بينهما ؟ العلاقة التي تجمع القولون العصبي والأوهام تفتح نافذة على دراسة الأمعاء الغليظة التي تعتبر بؤرة الإضطراب الوظيفي. والدماغ الذي يمثل مركز الوظائف الحيوية والعمليات المعرفية والمشاعر النفسية. ولهذا نقدم لكم هذا المقال الذي يسلط الضوء على الاوهام والتخيلات والهلاوس التي تراود مريض القولون العصبي.
القولون العصبي والاوهام |
أوهام القولون العصبي
يلعب الدماغ عدة وظائف مهمة لا يمكن الإستغناء عنها أبرزها تحليل ومعالجة مجموعة من العمليات المعرفية والنفسية إضافة إلى التواصل مع أعضاء وأنسجة الجسم. وإدارة وظائفها الحيوية بشكل دقيق وسريع جدا، كما أن الدماغ يتوفر على بنيات عصبية مختصة في إدارة الوظائف العليا مثل الذاكرة، الإنتباه، الإدراك والتركيز. وكما أن الدماغ يسيير ويدير جميع وظائف الإنسان الفيزيولوجية والنفسية فإنه كذلك يتأثر بالمشاكل الصحية. التي تصيب أعضاء وأجهزة الجسم خاصة القولون الذي يعتبر بمثابة الدماغ الثاني.
فالقولون العصبي (بالإنجليزية : Irritabl bowel syndrome) يعتبر أحد هذه المشاكل الصحية الشائعة التي تصيب الأمعاء الغليظة. وتسبب إضطراب وخلل في وظيفة حركة عضلاتها التي تصبح متأرجحة بين التقلص المتسارع والمتباطئ. الشيء الذي يؤدي إلى ظهور سلسلة من الأعراض الحادة والمزعجة التي تنعكس سلبا على حياة المريض. وأبرز أعراض القولون العصبي إزعاجا هي الشعور بالاوهام أي المريض يصبح يتوهم أشياء غير موجودة وليس لها معنى. مثل التوهم بوجود مرض خطير (السرطان) أو التوهم بأن القولون العصبي لعنة من الله أو له علاقة بالجن والشياطين أو شخص مجهول سبب هذه المعانات..). أحيانا قد يصاب المريض بإختلال الآنية بمعنى قد يبدأ في تكذيب هذه الأعراض ونكرانها ويبدأ في التظاهر بأنه شخص قوي ومنزه عن هذه الأمراض.
القولون العصبي والاوهام يحتجزون المريض داخل حلقة مفرغة بمعنى أنه يصبح غير قادر على الشعور والتواصل بشكل جيد مع جسده والأعراض التي يحس بها. مما يزيد من معاناته النفسية خصوصا أن مريض القولون يدرك أنه يتوهم أشياء هي غير موجودة فعليا. فينعكس ذلك بإبطال مفعول البرنامج العلاجي الذي يتبعه المريض، وللإشارة فإن حالة القولون العصبي والاوهام هي تعبير عن التأثيرات الجانبية. لهذا المشكل الصحي الذي يصيب السبيل الهضمي على الجهاز العصبي تحديدا الدماغ وإضافة إلى الاوهام يمكن أن يصاب بعض الأشخاص بالوساوس والمخاوف والتغيرات المزاجية المفاجئة. وجميع هذه الحالات تحدث بسبب إضطراب التواصل العصبي والهرموني بين الدماغ والقولون فكيف يحدث ذلك ؟
أعراض القولون العصبي والاوهام
تعرفنا في مقالات سابقة أن القولون يتواصل مع الدماغ عبر مسلكين وهما المسلك العصبي عن طريق العصب المبهم أو عصب الموجة (vagus nerve). يسمى أحيانا العصب العاشر نظرا للرقم الذي يحتله في ترتيب الأعصاب القحفية حيث يلعب هذا العصب عدة وظائف لا زالت غير معروفة إلى حدود الساعة. لهذا السبب يسمى بالعصب المبهم لكن الذي توصل إليه العلماء والباحثين أن هذا العصب ينقل تأثير الأمراض التي تصيب القولون والمعدة إلى الدماغ. مثل القولون العصبي، الإمساك، إرتجاع المريء، حرقة المعدة... كما ينقل الرسائل التي يوجهها الدماغ إلى الأمعاء والمعدة مثل الإنفعلات العاطفية، المشاعر السلبية، الحالة المزاجية...).
كما يتواصل القولون مع الدماغ عبر المسلك الهرموني عن طريق الإفرازات الكيميائية لكل منهما حيت يقوم القولون بإنتاج مجموعة من النواقل العصبية. (السيروتونين، الدوبامين، الميلاتونين، الأكسيتوسين...) بنسبة أزيد من %95 ويوجهها إلى الدورة الدموية ثم تخترق الحاجز العصبي الدموي (بالإنجليزية : blood nerve barrier). وتدخل إلى الدماغ لتبدأ العمل في ربط التواصل العصبي بين مختلف أنواع الخلايا العصبية. وللإشارة فإن نقص السيروتونين على سبيل المثال في الأمعاء قد يؤدي بنقص تركيزه داخل الدماغ وبالتالي الإصابة بالإكتئاب. وإضافة لذلك فإن البكتيريات النافعة (بالإنجليزية : probiotic) التي تقطن القولون تقوم بإنتاج الفيتامين B12 والفيتامين K المهمين للوظائف الفيزيولوجية داخل الجسم. أما فيما يخص الدماغ فإنه يفرز مجموعة من الهرمونات والنواقل العصبية التي تؤثر على حركة القولون والعمليات الهضمية داخله.
علاقة القولون العصبي والاوهام تشير في نهاية الأمر إلى تأثير العصب العاشر وبعض الإفرازات الكيميائية للقولون على الفص الجبهي للدماغ. الذي يعتبر مركز التفكير والإدراك وأخذ القرارات الواعية، فالشعور بالوهم لا يمكن ان يحس به الشخص. إلا إذا كان الدماغ متأثرا بتبعيات أعراض القولون العصبي النفسية والجسدية. وتجدر الإشارة أن الاوهام لا تكون فقط بسبب القولون العصبي فالأمراض النفسية والعصبية يمكن أن تكون أحد الأسباب القوية التي يمكن أن تؤدي للشعور بالوهم. لهذا ينصح بمراجعة طبيب الأعصاب للتأكد من عدم وجود خلل أو إضطراب في وظائف الدماغ.