هل تريد التعرف على أعراض الخلعة والوسواس وطريقة العلاج بالتفصيل ؟ تابع قراءة هذا المقال حتى النهاية لمعرفة المزيد من التفاصيل المهمة. التي تخص مرض الخلعة وعلاقته بالوسواس القهري والأفكار السلبية والتشاؤمية التي لا يستطيع الشخص التحكم فيها والسيطرة عليها.
أعراض الخلعة والوسواس |
مرض الخلعة والوسواس
مرض الخلعة أو الفجعة يشير في الطب النفسي إلى الصدمة النفسية المعروفة علميا بالتوتر ما بعد الصدمة (بالإنجليزية : Post-traumatic stress). والتي تصيب بعض الأشخاص جراء التعرض لحادث أو مشاهد أو سماع أخبار صادمة تبقى راسخة في ذهن المريض وتؤدي لظهور مجموعة من الأعراض المزعجة.
ومن بين هذه الأعراض الوساوس طبعا لا نتكلم عن إضطراب الوسواس القهري (Obsessive-compulsive disorder) ولكن هي حالة قريبة من هذا المشكل النفسي. فرغم أنها قد تؤدي للإصابة به أحيانا بمعنى التعرض للخلعة قد يصيب بعض الأشخاص بمرض الوسواس القهري إذا توفرت بعض الشروط مثل الإستعداد الوراثي. لكن هذه حالات نادرة أما الوسواس الذي نتكلم عنه اليوم هو درجة أخف من الوساوس القهرية. أي لا ترقى لدرجة نقول عليها مرض فهي مجرد عرض نفسي للخلعة.
الوسواس الناتج عن الإصابة بمرض الخلعة يكون في معظم الحالات فكريا أي أن المريض يعاني من أفكار لا تغادر دماغه ولا يستطيع التخلص منها. وهذا أمر طبيعي فالجسم عندما يتعرض للخلعة أو الصدمة النفسية يحرر الكورتيزول والأدرينالين كإشارة على أنه يتعرض لحالة طارئة وتشكل تهديد على الشخص. هذه الهرمونات عندما تعبر الحاجز الدموي العصبي تستهدف مركز الذاكرة بعيدة المدى المثمثلة في الحصين (hippocampus). فتبقى الأفكار راسخة ومنقوشة داخل عقل المريض مدى الحياة فرغم محاولات المريض طردها والتخلص منها. لكنه يفشل وتعود هذه الأفكار المزعجة لتسيطر على عقله من جديد وهذه هي الوساوس الفكرية.
والسبب الرئيسي لحدوث هذه الوساوس بعد التعرض للخلعة أو الفجعة هو التركيز العالي لهرمونات القلق والتوتر الأدرينالين والكورتيزول داخل الدم. هذه الهرمونات تقوم من جهة بتتبيث وترسيخ الأحداث، المشاهد والأخبار الصادمة على مستوى الحصين داخل الدماغ العاطفي الشيء أكثر حرصا وإنتباها لها. من جهة أخرى تقوم هذه الهرمونات بتقليل تركيز بعض النواقل العصبية مثل السيرتونين والدوبامين. التي تربط القشرة الدماغية بالجهاز الحوفي فيواجه على إثر ذلك المريض صعوبة كبيرة في السيطرة على أفكاره والتحكم بها.
أعراض الخلعة والوسواس القهري
● عدم القدرة على التحكم في الأفكار : يشتكي بعض المرضى الذين تعرضوا لمرض الخلعة أو الصدمة النفسية من عدم القدرة على التحكم في العقل. فيشعرون بأنهم عاجزون عن قيادة أفكارهم وأن الخلعة قلبت حياتهم رأسا على عقب وأصبح تفكيرهم مختلف وغير منطقي.
● صعوبة في الإدراك والتحليل : يتميز العقل البشري السليم بقدرة كبيرة على تحليل الأفكار وإدراك المواقف التي يتعرض لها الإنسان خلال الحياة اليومية. لكن مريض الخلعة يواجه صعوبة حقيقية في الإدراك والتحليل فعقله قد لا يفهم ويستوعب بعض المواقف وينظر إليها على أنها تهدده وتشكل خطرا عليه.
● كثرة السرحان والسهو : إذا شاهدت مريض الخلعة فسوف تجده دائما في حالة من السرحان والسهو وغارق في التفكير كأنه يعيش في عالم آخر. والحقيقة أنه مصدوم وغير قادر على التخلص من بعض الأفكار التي تهاجم عقله بإستمرار وتجعله منفصل تماما عن الحياة الواقعية التي يعيشها الناس.
● أفكار متشائمة وإنتحارية : أحيانا قد تهجم على مريض الخلعة بعض الأفكار السلبية المتشائمة التي تستوطن عقله وترغم عليه تصديقها والإعتقاد بها. والأخطر في ذلك أن المريض قد يتملك بعض الأفكار الإنتحارية التي تحرضه على قتل نفسه والتخلص منها وفي هذه الحالة المريض يحتاج لعلاج الخلعة فورا.
● وسواس الموت : قد يتعرض مريض الخلعة إلى نوع واحد من الوساوس مثل وسواس الموت الذي يجعل المريض يفكر في الموت طوال الوقت. وتحدث هذه الحالة غالبا للأشخاص الذين تعرضوا لحوادث السير، ضحايا الحروب، الإعتداءات الجسدية، السقوط من المرتفعات، وغيرها من الحوادث الصادمة.
● وسواس العقيدة : الشك في الدين، عدم القدرة على الإيمان بوجود الله، الشعور بالوسوسة في رسالة الرسول وغيرها من وساوس العقيدة. فالمريض بالخلعة قد يعاني لفترة طويلة من هذه الوساوس حتى يعتقد المقربين منه أنه ملحد أو شيء من هذا القبيل فيواجد العديد من المشاكل.
● وساوس الشخصنة : العديد من مرضى الخلعة يواجهون مشكلة الشخصنة الذاتية بمعنى المريض ينتقد شكله ولا يعجبه المظهر الذي يبدو به أمام الآخرين. فرغم محاولات المريض التصدي لمثل هذه الأفكار إلا أنه يشعر أنه عاجز على طردها والتخلص منها لدرجة أن أغلب المرضى يقبلون على الإنتحار بسبب الشخصنة.
علاج الخلعة والوسواس القهري
● علاج الخلعة والوسواس بالأدوية : يمكن علاج الوساوس التي يصاب بها بعض الأشخاص بسبب الخلعة عن طريق تناول الأدوية المهدئة للأعصاب. والتي تعمل على التقليل من الأدرينالين والكورتيزول في الدم والرفع من هرمون السعادة السيروتونين وهرمون النشوة الدوبامين وهذه الأدوية هي :
• مضادات الاكتئاب (Antidepressants) : هي عبارة عن أدوية تساعد على رفع النواقل العصبية المهدئة للأعصاب. مثل السيروتونين في المقام الأول إضافة للدوبامين الشيء الذي يساعد على علاج الوسواس نهائيا.
• مضادات القلق (Anxiolytics) : تصنف الخلعة أو الصدمة النفسية في الطب النفسي ضمن إضطرابات القلق والتوتر التي تؤدي لتحرير الأدرينالين والكورتيزول. وعلى إثر هذا يعاني المريض بالخلعة من الوسواس الشيء يجلعه في حاجة ماسة لتناول مضادات القلق مثل مشتقات البنزوديازيبين (benzodiazepine).
● علاج الخلعة والوسواس بالجلسات النفسية : يعتبر العلاج النفسي بجلسات العلاج المعرفي السلوكي من أفضل الطرق نجاعة في التخلص من الوساوس الناتجة عن الخلعة. والتي يمكن الإستفاذة منها حتى في حالة تناول الأدوية أو بعد الإنقطاع عن تناولها فجلسات العلاج المعرفي السلوكي تساعد على التخلص الوسواس بعدة طرق :
• العلاج المعرفي : تساعد هذه الطريقة المرضى على إدراك الوساوس التي يعانون منها ومحاولة إصلاح الأفكار والتشوهات المعرفية عن طريق الحوار. فالطبيب يساعد مريض الخلعة على تصحيح معتقداته حول مواضيع وأحداث معينة يراها صادمة بالنسبة إليه. وأهم شرط لنجاح العلاج معرفي هو الثقة في المعالج النفسي وبوح له كل ما يقلل ويضايق المريض من وساوس وأفكار مزعجة.
• العلاج السلوكي : هي طريقة يتم فيها تعريض المريض إلى مواقف وأحداث صادمة وجعله يتدرب على الإستئناس بها حتى تظهر له غير صادمة. فيكف بعد ذلك عن التفكير فيها ومن تم يعالج الوسواس الذي يعاني منه نهائيا بدون أدوية وفي حالة واجه المريض أي صعوبة يمكن إستشارة الطبيب.
● علاج الخلعة والوسواس بالطرق المنزلية : قد تساعد بعض الطرق المنزلية على علاج الوساوس الناتجة عن الخلعة بدون الحاجة لزيارة الطبيب. ولكن هذا لا يغني عن إستشارة الطبيب في الحالات الحرجة التي قد تتطلب الأدوية أو جلسات نفسية خصوصا إذا إشتكى المريض من أفكار إنتحارية. وبشكل عام يمكن تطبيق بعض الممارسات المنزلية مثل :
• ممارسة الرياضة : تساعد التمارين الرياضية على تنشيط الدورة الدموية داخل الدماغ والجسم بشكل عام مما يساعد مريض الخلعة على مقاومة الوساوس. كما تساعد الرياضة على إفراز الهرمونات المهدئة للأعصاب مثل هرمون المضاد للألم الأندورفين، هرمون السعادة السيروتونين، هرمون النشوة الدوبامين، هرمون النوم الميلاتونين.
• تحسين النظام الغذائي : يمكن للأغذية التي نتناولها أن تساعد على علاج الوسواس الناتج عن التعرض للخلعة خصوصا الخضر، الفواكه الغنية بالفيتامينات والمعادن. كما يجب التركيز على الأطعمة الغنية بالحمض الأميني التريبتوفان لتصنيع السيروتونين والحمض الأميني التيروزين لتصنيع الدوبامين مما سوف يساعد الدماغ على التحكم في الأفكار. في المقابل يجب الإبتعاد عن تناول المشروبات المنبهة للدماغ والمهييجة للأعصاب مثل القهوة، الشاي ومشروبات الطاقة التي تنشط الغدة الكظرية على إفراز الأدرينالين والكرتيزول.
• ممارسة الإسترخاء والتأمل : قد تساعد الصلاة والصيام والأدعية بعتبارها ممارسات روحية للإسترخاء والتأمل على علاج الوسواس الناتج عن مرض الخلعة. إضافة للإستماع للقرآن وممارسة اليوغا كلها سلوكيات تساعد على تهدئة الأعصاب وتحرير مجموعة من المواد الكيميائية التي تقاوم الوسوسة في العقل.
• تناول الأعشاب المهدئة : هناك العديد من الوصفات الطبيعية العشبية التي تساعد على تهدئة الأعصاب وجلب الشعور بالنوم والإسترخاء لطرد الوسواس والتخلص منها نهائيا. ومن أمثلة هذه الأعشاب حبوب الكتان، الشمر، النعناع، اللويزة، البابونج، اللافندر، الجنسنج، القديس يوحنا، الناردين المخزني، البردقوش، المقدونس، المليسة المخزنية.